Home»Régional»للفعل النقابي التشاركي مساءلة

للفعل النقابي التشاركي مساءلة

0
Shares
PinterestGoogle+

للفعل النقابي التشاركي مساءلة
انطلاقا من دولة الحداثة، دولة المؤسسات والحق والقانون والعدالة الاجتماعية، دولة الديمقراطية والنزاهة والشفافية، الدولة المسؤولة عن وطنها ومواطنيها، دولة التقدم والتطور والنماء والرفاهية، دولة الإنسان الحر المبدع الملتزم بأبجديات الوجود بما هو وجود حقيقي لا شكلي. تستنبت التنظيمات الحزبية والنقابية والجمعوية والمؤسسات المدنية جذورها في تربة تغذيها معتقدات وقيم وسلوكات هذه الدولة؛ التي يقدس فيها القانون وتعلوها المؤسسات بما هي تنظيمات قانونية لها حرمتها المادية والمعنوية والأخلاقية. وتسودها المصلحة العامة التي تحقق المصلحة الخاصة، الأساس في تسييد المصلحة العامة وبناء المجتمع المتضامن المتحاور والعادل. والمنبعت منه معالم الدلالة عن معاني الوجود الديمقراطي من خلال:
( ـ تقدير المشاركة العامة في اتخاذ القرار، وضمان حرية التعبير.
ـ مسؤولية الفرد عن أفعاله.
ـ الاهتمام بالحقوق الإنسانية والابتعاد عن استغلال الآخرين.
ـ تحقيق العدالة بين جميع أفراد المجتمع ) [1].
والملتزم أفرادا ودولة وجماعات وتنظيمات أداء الواجب في مقابل تحصيل الحق؛ بما يفيد أن الالتزام ( هو الأساس الذي قامت عليه الحكومة في النظم البشرية، كما قامت عليه كل التنظيمات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية )[2]، وإلا في غياب الالتزام يصبح الواجب والحق ( صورة تهويمات كلامية تحلق في فراغ من المجردات والتخييلات الذهنية التي تقطع كل صلة بالواقع الحي وتقطع الطريق دون الحركة والتغيير والتطوير )[3].
من قيم دولة الحداثة التي تؤمن بها مختلف التيارات الفكرية والإيديولوجية وتنظيماتها، والتي تسعى إلى توطينها وترسيخها في المجتمع، وتسمعه إياها في خطاباتها وكتاباتها في مختلف منشوراتها أو كتب قياديها، وفي مختلف المناسبات. وتزكي طرحها أنها فعلت وتفعل للمجتمع ما يرسخ تلك القيم، وتفتخر في كثير من التجمعات بما أنجزت.
من هذه القيم انبعثت الرسالة المشتركة إلى السيد الوزير الأول في شأن ملف هيأة التفتيش بالتعليم، وظهر البيان المشترك " 14//03/2006 " التاريخي بين مكونات اللجنة العشرية من تنظيمات نقابية وأطر جمعوية مهنية، وخرج من رحمها بيان الرباعية يتوعد الحكومة والوزارة إذا لم تنصف هيأة التفتيش بالتعليم باستخدام سين المستقبل والاستقبال: سنناضل، وسنعبئ ونستنفر ونجيش الهيأة لخوض النضال من أجل إحقاق حقوقها من خلال استحداث برنامج نضالي. ومن ذات القيم، ومن ذات المفاهيم التي يروجها خطاب الديمقراطيين السياسيين والنقابيين والجمعويين المغاربة الجدد والقدامى على حد سواء، من احتلوا المناصب ومن ينتظرون؛ نوجه الخطاب ضمن ما يوجبه البعد الأخلاقي والمهني والتاريخي من الفعل النقابي إلى اللجنة العشرية، تلك التي تفاءلت بها هيأة مفتشي التعليم، من حيث كونها تضم نقابات تنتمي إلى عالم السياسة، عالم من غطوا الساحة النقابية المغربية لعقود طويلة، تمرسوا من خلالها سوق البلاد والعباد حيث شاءوا، وتمكنوا من خبرة لا يمكن لأي شطبها بجرة قلم أو بحروف كلمة متهالكة إلا ضمن منطلق الالتزام بالمسؤولية والقيام بالواجب المحصن بالمصلحة العامة. فحينها يكون القلم أو الكلام بدليله القطعي وحجته البينة، ينفي أو يثبت الكائن لا الممكن. ويعبر بصريح العبارة عن التضحية أو عن الانتهازية، أو يعبر عن الالتزام بالمبادئ والقيم والأفكار التي يؤمن بها التنظيم، والتمسك بها إلى آخر نفس أو عن سوق النخاسة؛ سماسرته عبيد تصدروا القوم باسم القيم والأخلاق وبدعوى الدفاع عن الحقوق وهم عن الحقوق أبعد .. !
إلى اللجنة العشرية المكلفة بملف هيأة مفتشي التعليم والرباعية، وفي إطار دعوتها بالالتزام بواجبها تجاه هذه الهيأة، نسوق مجموعة من الأسئلة المشروعة داخل إطار المساءلة الصريحة الصادقة والمسؤولة، الحريصة على صدقية ومصداقية هذه اللجنة. وداخل إطار المكاشفة الشفافة المرتكزة على العقد المهني والأدبي الناظم للعلاقة بين مكونات التنظيم والهيأة على اختلاف مشاربها السياسية والإيديولوجية والنقابية؛ حتى لا تبقى للمنخرط أو المناضل مستلزمات الانتماء وللتنظيم مستلزمات الإدعاء أو يوطن بالدليل والحجة البينة حق الانتماء والإدعاء. ذلك أن حق الانتماء يوجب على المنخرط أداء واجبه، وهو على الأقل المشاركة في القرار، والانخراط في النضال، والسؤال عن مصير الملف المطلبي ونتائجه، والسؤال عن الالتزام وتقدير الواجب ممن رشحهم لأهلية الدفاع عن الملف المطلبي وكلفهم بذلك، فضلا عن النقد البناء الذي يصحح ولا يهدم.. كما أن حق الإدعاء يوجب على المسؤول النقابي أداء واجبه وتقدير مسؤولياته، فضلا عن سؤال المنخرط عن مدى انخراطه والتزامه بقراراته وتضحياته، التي تعد من قبيل الفعل التطوعي المؤسس لقيم دولة الحداثة وثقافتها.. والمرسخ لأخلاقيات الفعل النقابي والجمعوي المهني.
فإذا ما اختلت مستلزمات الانتماء أو مستلزمات الإدعاء أصبح الفعل النقابي مطمح المنخرط في تحقيق مصلحته الخاصة الذاتية المتمحورة حوله هو لا حول الإطار. ومطمح المسؤول النقابي الركوب فوق هذه المصلحة الخاصة للمنخرط لتحقيق مصلحة المسؤول النقابي الخاصة المُرَكَّزَة فيه لا في الإطار أو التنظيم، ومن ثم يتحول الفعل النقابي إلى المقايضة الزبونية والانتهازية الثعلبية بما يعطل الإطار والتنظيم معا، بل ينسف قيم وأخلاقيات وواجبات وحقوق الفعل النقابي في المجتمع، ويزيل عن هذا الفعل قدسيته ووظيفته وآلياته؛ فيصبح مجرد شعار في لافتة يسقط من الذاكرة ومن الحضور ومن الفعل في المجتمع. وهذا؛ ما لم يقم أصل الفعل النقابي لأجله بل الأصل الدفاع عن مظلومية المنخرط العامة أولا ثم الدفاع عن مظلومية الحالات الخاصة دون استغلال الآخرين واستثمار عذاباتهم وآلامهم وضائقاتهم باسم التنظيم النقابي أو الجمعوي المهني .. !؟ ولنا في عذابات ومعاناة المناضلين النقابيين الحقيقيين الأحرار، من سكنوا السجون والمنافي والمعتقلات. ولنا في دماء شهدائهم الأبرار الأخيار قدوة الانتماء والإدعاء. انتماء الفرد إلى التنظيم النقابي عن جدارة واستحقاق، وإدعاء التنظيم تمثيل هذا الفرد والدفاع عنه بمصداقية الواقع لا بالشعارات. ومن هذه العذابات والتضحيات، ومن تلك الدماء الزكية الطاهرة نجد أول غيث المكاشفة والمساءلة أسئلة مطروحة بكل أمانة دون مزايدة أو انتقاص فضيلة على اللجنة العشرية والرباعية:
ـ أين وصلت اللجنة العشرية برسالتها وبيانها المشترك؟
ـ ما جديد تحركاتها إن كانت هناك تحركات فعلية؟
ـ ما الصعوبات التي تعترضها كلجنة وسبل تجاوزها؟
ـ ما متطلبات المرحلة الراهنة؟ وما واجب هيأة مفتشي التعليم تجاه هذه المتطلبات وواجب اللجنة إزاءها؟
ـ ما البرنامج النضالي المزمع تسطيره من الرباعية وقد علمت أن الملف مازال ساكنا راكدا راقدا، وقد رسخت ذلك الواجب على عاتقها ببيانها المكتوب والمنشور في الصحف الوطنية والمسجل عليها. فهي مسؤولة كما اللجنة العشرية على كتاباتها وواجباتها والتزاماتها أمام هيأة التفتيش خاصة وهيأة التعليم عامة؟.
ـ ما مستلزمات إدعاء تمثيلها لهيأة مفتشي التعليم إذا لم تقم بواجبها؟
وفي المقابل نسأل أنفسنا نحن المنخرطون في هذه التنظيمات: ما حقيقة انتمائنا لهذه التنظيمات؟ هل هو انتماء كمي ونوعي في نفس الوقت نفتخر به، وتفتخر به هي كذلك أم هو انتماء من نوع آخر؟ وهل انتماؤنا انتماء مساءلة ومحاسبة وفعل وتفاعل أم انتماء اتباع وانقياد وتصفيق وتهليل وتبجيل وترويج للدعاية؟! أين موقعنا منها وموقعها منا؟
فإذا لم يأت الجواب منها كتابة عن هذه الأسئلة وغيرها التي تراود ألسنة هيأة التفتيش، وعلى الملأ كما هو السؤال. تكون الرسالة والبيان المشترك وبيان الرباعية حبرا على ورق. وينبري من هذا الحبر سؤال الالتزام بالواجب وتقدير المسؤولية ضمن إطار الالتزام التاريخي والأخلاقي لهذه التنظيمات بالدفاع عن هيأة مفتشي التعليم بالمغرب. من حيث أن الذاكرة الجماعية والجمعية للهيأة لا تنسى متابعة قضاياها العامة فضلا عن الخاصة. وهي حاضرة للنقد وللنقد الذاتي بما يصحح مستلزمات الانتماء ومستلزمات الإدعاء. فلا تعود الهيأة تنتمي إلى تنظيمات اللجنة العشرية إلا بعد نقد ذاتي يحصن مستلزمات الانتماء لكل فرد على حدة؛ يسأل عنه دون غيره بتخصيص لا تعميم. ولا يعود إدعاء هذه الأخيرة يحسب على الهيأة إلا بعد نقد ذاتي كذلك يستجلب مستلزمات الإدعاء ويكشف عن دواعي التعميم بدل التخصيص حتى تخصص الهيأة الانتماء. وإلا سنشهد طلاقا بائنا بينهما بالمعروف أو بالجبر الموضوعي لأن الحال محتقن لا يطاق..
والطلاق البائن هنا يكون قائما على حيثياته الموضوعية التي تتمثل على الأقل في:
1 ـ حين تلمس الهيأة واقعيا لا ورقيا عدم تحقيق مطالب مشروعة في حدها الأدنى من خلال لجنتها العشرية التي تزعم تمثيلها؛ فإن مستلزم الانتماء يرفع في هذه الحيثية.
2 ـ حين تلمس الهيأة حضور اللجنة العشرية الفعلي في تنظيم التفتيش ودفاعها عنه باستماتة دون الحضور الفعلي والعلني في النضال من أجل تحقيق مطالب ملفها المطلبي العادل، فكذلك مستلزم الانتماء في هذه الحيثية يرفع.
3 ـ حين تظهر اللجنة العشرية من خلال رسالة وبيان مشترك وبيان رباعي للأربعة ثم يلوذان بالصمت والاختفاء، ولا تعرف الهيأة شيئا عن مصير أدائهما، خاصة أن تلك الرسالة والبيان المشترك فتح آفاقا واسعة في تسوية الملف المطلبي وأنعش الآمال في مستعجلات الفعل النقابي التشاركي بما فيه من انتماء سياسي، يشكل حاضنة للحوار من باب حمل جواز السفر إلى صناع القرار، وحمل بطاقة تعريف من ذات التي لأهل الدار. فمن حق الانتماء أن ينهدم ركن منه؛ بما يوجب مراجعته من اللبيب الذي يحترم نفسه وغيره.
4 ـ حين تكون الرسالة والبيان المشترك في سياق خوض هيأة التفتيش لبرنامجها النضالي، وخوض المعارك السلمية الواعية الراقية المشروعة والحقيقية جرعةَ أمل؛ ثم لا يجد الاستثمار والمتابعة والتقويم من قبل اللجنة العشرية، فإن من حق الهيأة أن تراجع مستلزمات الانتماء.
5 ـ حين يعلن على مسامع وأبصار الهيأة عن نية التصعيد وخوض المعارك، ثم لا ترى برنامج نضال ولا تسمع عن خبر تفعيل، ولا تشم رائحة اجتماع. فمن حق الانتماء أن يسأل نفسه عن جدوى الانتماء والإدعاء.
6 ـ حين تشعل الذاكرة الجماعية والجمعية لهيأة التفتيش محركاتها على مسوغات الاسترجاع، تجد حبرا يراق وصمتا لا يطاق، فتسأل عن الجدية في التعاطي والإعلان. فحينها تجد لا جواب يستوطن الذات؛ فيحق لها حينئذ أن تراجع مستلزمات الانتماء.
ومن هذه التساؤلات وشقيقاتها المغيبات يكون الانتماء مجرد إدعاء، ومن شرف كيان المرء أن لا يكون انتماؤه لا يقوم على مستلزماته الحقيقية التي تشرفه وتشرف دعوى الإدعاء. أما إذا خرج عن شرف كيانه وعزة ذاته فيكون انتماؤه توهيما ووهما لذاته ولنفسه، وينخرط بذلك في توهيم الآخرين ومغالطتهم، فيستحق من وعيهم الاستخفاف إن لم نقل السخرية بل ينطبق عليه القول: " بأنه كذب على نفسه وصدقها! ". وحيث الوعي خصيصة هذه الأمة، فيجب على الذات أن تحترم وعيها؛ فتبتعد عن الوهم والوهن المصاحب له، هذا عن مشروعية الانتماء. فماذا عن مشروعية الإدعاء؟
ومن أبجديات الإدعاء الموضوعية تعلو بعض ملامحها في:
1 ـ أن تحضر اللجنة العشرية بقوة في هيأة التفتيش، بما يقوي تواصلها بها، وإلا فالغياب مدعاة مساءلة الحضور من ذاته إلى ذاته، دون دخول الهيأة على الخط انطلاقا من وجوب احترام الذات والآخر. ومن ثم فالنقد الذاتي كفيل هنا بمساءلة الذات عن جدوى الحضور ثم الاختفاء؟
2 ـ الالتزام بالقيام بالواجب ومتابعته وتقويمه، مادامت اللجنة تصدت لهذا الملف طواعية وعلانية وأصدرت رسالتها وبيانها المشترك. وإلا؛ فالانقطاع دون القيام بالواجب ومتابعته وتقويمه والتواصل مع الهيأة، يستلزم سؤال اللجنة لنفسها عن مشروعية حضورها في هذا الملف؟ فهل يبقى لها من مبرر موضوعي ترتكز عليه في الإدعاء؟
3 ـ غياب اللجنة عن مشهد النضال وحضورها في مشهد تنظيم التفتيش، يوجب المساءلة الذاتية عن أسباب الغياب والحضور في نفس الوقت؟ وعن أيهما أولى وأهم؟ ومن ثم يمكن مَوْضَعَة اللجنة في إحدى الكفتين. وإلا فالكيل بمكيالين من مستلزمات بطلان الإدعاء.
ومن خلال هذه الأبجديات والمستلزمات الموضوعية يبنى الانتماء والإدعاء. وتبقى المساءلة والمكاشفة الصادقة والصريحة والعلنية عنوان وعي الهيأة بما يصادق على انتمائها إلى مكونات اللجنة العشرية. ويبقى الالتزام بالقيام بالواجب عنوان قيمي أخلاقي وبعد تاريخي، بما يصادق على إدعاء اللجنة العشرية تمثيلها لهيأة التفتيش بواقع الفعل ولغة الواقع. وإلا فإن الانتماء والإدعاء بنيتان معتمتان بناء على واقع مبهم. واجب إبصارهما بعين الإبصار والبصيرة حتى لا نسقط في متاهات الموجود بلا وجود.
عبد العزيز قريش
المفتش التربوي بنيابة تاونات
في: 21/09/2006


د. مصطفى أحمد تركي، السلوك الديمقراطي، عالم الفكر، وزارة الإعلام، الكويت، المجلد 22، العدد 2، ص.ص.: 116 ـ 132.[1]

محمد قطب، منهج التربية الإسلامية، دار الشروق، بيروت، لبنان، 1400/1980،ط4، ص.: 169.[2]

ميشيل توماسيللو، الثقافة والمعرفة البشرية، ترجمة: شوقي جلال، عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، 2006، العدد: 328، ص.: 12. [3]

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *